كمال عماري، بوعزيزي المغرب



استمرار المظاهرات في المغرب تسبب وجع رأس حقيقي للملكة ومخزنها. فبالرغم من كل ما قامت به مؤسسة المملكة البوليسية من وضع للحواجز ومن حشد لكل ما من شأنه أن يخفف الصدمات والضربات مثل "الإصلاحات" و"التحولات الديمقراطية"، يبدو أن الشباب المغربي غير مستعد لترك الشارع، أكثر من ذلك يبدو أنه مصمم على الذهاب بعيدا في ثورته، أو مصمم على التغيير الجذري وتغيير رأس النظام. ورغم أن هناك من يتصور أن المغرب المخزني "قوي" و"ثابت" و"مستقر" إلا إن المغرب نفسه الذي يخافه الناس أصبح يخاف من الثورة أكثر من الخوف نفسه. فما يجري على الأرض، خاصة بعد 20 فبراير، يبرر التخوف المغربي من مصير مشابه لمصير تونس، مصر، ليبيا، سوريا، اليمن والبحرين. إن المغرب الآن مقتنع أن هناك زلزال يهز العالم، والعربي بالخصوص، وأنه هو(المغرب) ليس جزيرة في القمر أو في قاع البحر. حتى نسلط الضوء على مصادر التخوف\ الخوف المغربي ننظر إلى ما يلي: - حسب ما تنشره حركة 20 فبراير على الانترنيت وفي مقالاتها وبياناتها، يبدو أنها لن ترمي المنشفة سريعا ولن ترفع العلم الأبيض. أكثر من ذلك، فالمنظمة الشبابية المذكورة، وكرد على السلطات البوليسية التي قتلت تحت التعذيب واحد من نشطائها- كمال عماري- أصبحت تطلب على مواقعها الاجتماعية علانية والأول مرة من الشعب أن يخرج في مظاهرات أكثر ضخامة من ذي قبل. إن سبب إصرار الشباب المغربي على التظاهر المستمر والثورة يرجع الآن إلى سببين: 1) الشباب لم تقنعه حزمة " الإصلاحات" التي أعلن عنها الملك المغربي يوم 9 مارس ويعتبرها أقراص مهدئة منتهية الصلاحية؛ 2) أن هدف المظاهرات ليس الإصلاحات إنما، أبعد من ذلك، إسقاط النظام أسوة بالشباب العربي الآخر في الدول التي تحركت وثارت. - مثلما نكون قد لاحظنا جميعا خلال الأيام الأخيرة فإن المغرب لجأ إلى تغيير مفاجئ في استراتيجيته: في البداية كان لا يتدخل ويترك المتظاهرون يجوبون الشوارع بحرية، لكن حين أصبحت الشوارع تعج بالمتظاهرين (الأسبوع الماضي وصل عدد المظاهرات إلى 200 في 200 مدينة مغربية) ووصل الهلع الحلوق عادت حليمة إلى عادتها القديمة. في الأسبوعين الماضيين كشف المخزن عن وجهه الحقيقي وأشهر عصاه ومسدسه في وجه كل من يريد أن يتظاهر. وليس المخزن الرسمي هو من يشارك في القمع إنما تم تكوين وحدات خاصة غير منتمية إلى الجيش يتم تدريبها على القمع وتوجد الآن في الصحراء الغربية متنقلة بين المحبس وأمغالا وممنوع الاقتراب منها. إن لجوء المخزن إلى تدريب وحدات غير عسكرية على القمع مرده الأكثر ترجيحا أن المملكة لن تعول على الجيش لو حدثت فيها ثورة. فتاريخيا وحسب بعض تسريبات ويكيليكس الأخيرة فإن مؤسسة المملكة لا زالت تخشى الجيش ولا تعتمد عليه وتفضل أن يبقى في الصحراء أو في مهمات خارجية. - المصدر الآخر للخوف أيضا هو أن المغرب ضعيف بما فيه الكفاية رغم الدعاية التي تروج حول قوة المخزن، وإذا اندلعت فيه ثورة على الطريقة التونسية أو المصرية لن يصمد كثيرا. - إن الاستعمال المفرط لقوة ضد المتظاهرين، سقوط قتلى وجرحى، وجود قمع لا يتصوره احد قاد المغرب إلى وضع سيء داخليا وخارجيا. لنرى: الاتحاد الأوروبي حذر المغرب من الاستعمال المفرط للقوة وطلب منه صراحة أن يسمح بالتظاهر السلمي؛ جماعة العدل والإحسان المغربية، أقوى تنظيم معارض، وصفت ما حدث في المدة الأخيرة بجريمة ضد الإنسانية. كمال عماري، بوعزيزي المغربوختامه قتل. تم قتل المناضل كمال عماري تحت التعذيب والذي من الممكن أن يتحول هو الآخر إلى بوعزيزي المغرب. فكما حدث في تونس أين كانت وفاة البوعزيزي الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة وطردت بن علي، وكما كان الحال في مصر أين مات الشاب خالد سعيد في السجن وفجرت وفاته الثورة تحت أقدام فرعون مصر، وكما كان الحال في سوريا أين كانت وفاة الطفل الخطيب مدعاة لمواصلة التظاهر فإن للمغرب الآن بطله هو الأخر الذي يجب أن يتحول إلى بوعزيزي آخر. إن المغرب الآن يتوفر على كل عوامل الثورة الحديثة التي فجرت الوضع العربي: المظاهرات، الاعتقالات، السجن، العنف الأعمى، وأخير القتل العمد تحت التعذيب. فكل مقومات الثورة قد وُجِدت ولم يكن ينقصها غير الشرارة التي يجب أن تشتعل بعد وفاة كمال عماري. sidhamdi@yahoo.es

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق